لطالما طُلب من المسافرين على متن الطائرات إغلاق هواتفهم أو ضبطها على “وضع الطيران”، مع تحذيرات متكررة من طواقم الضيافة بأن مخالفة هذه التعليمات قد تُحدث خللاً في أنظمة الطائرة، وربما تهدد سلامة الرحلة. لكن، هل هذا الخطر حقيقي فعلاً؟ وماذا يحدث لو نسي أحد الركاب تشغيل وضع الطيران؟
الطيار الأمريكي غاري كوكس، الذي يملك أكثر من 7000 ساعة طيران، أجاب عن هذا السؤال ببساطة في تصريح لموقع “نيويورك بوست” قائلاً: “لا شيء على الإطلاق”. وأضاف أن الهواتف المحمولة لا تتسبب فعلياً في تعطل الطائرة، لكنها قد تخلق بعض الإزعاج الفني للطيارين، وهو ما أكده عدد من الخبراء.
وفي مقطع فيديو حصد أكثر من 1.2 مليون مشاهدة على “تيك توك”، أوضح طيار آخر يُعرف باسم “بيرش بوينت”، وهو أيضاً محارب قديم في الجيش الأمريكي، أن الطائرة لن تسقط ولن تتأثر أنظمتها الأساسية إذا لم يتم تفعيل وضع الطيران، لكن المشكلة تكمن في أن إشارات الهاتف قد تتسبب في تداخل موجات الراديو مع سماعات الرأس الخاصة بالطيارين، ما يؤدي إلى طنين مزعج في الأذن، خاصة إذا حاول عدة ركاب استخدام هواتفهم للاتصال أثناء الطيران.
وأشار الطيار إلى أن هذا التداخل لا يشكل خطراً مباشراً، لكنه قد يكون مزعجاً جداً في اللحظات الحرجة مثل الإقلاع أو الهبوط، حيث تكون الرؤية محدودة ويعتمد الطيارون بشكل شبه كلي على التوجيهات الصوتية التي تصلهم من برج المراقبة عبر السماعات.
وتُظهر إفادات عدد من الطيارين أن الضوضاء الناتجة عن إشارات الهاتف قد تُضعف من وضوح التعليمات، مما قد يؤثر – نظرياً – على سرعة استجابتهم في المواقف الحساسة
وبحسب إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية (FAA)، يُسمح باستخدام الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية أثناء الرحلة فقط إذا كانت لا تؤثر على أنظمة السلامة. غير أن المتحدث باسم الإدارة رفض تأكيد ما إذا كانت هناك حوادث مسجلة بسبب هواتف لم تُضبط على وضع الطيران.
من جهتها، تستند اللوائح الحالية إلى توصيات صادرة عن لجنة الاتصالات الفيدرالية (FCC)، التي حظرت استخدام الهواتف المحمولة على الطائرات منذ عام 1991، بعد أن تبيّن أن الإشارات الصادرة من الهواتف قد تتداخل مع أنظمة الملاحة الحيوية في بعض الطائرات.
وفي ظل تطور التكنولوجيا، لا تزال هذه القواعد تُطبق إلى اليوم، ليس لأن الهاتف قد يُسقط الطائرة، بل لأن أي تداخل في التواصل بين الطيار وبرج المراقبة قد يكون له عواقب، خصوصاً في اللحظات الحرجة.
النتيجة؟ تشغيل وضع الطيران ليس من أجل سلامتك الشخصية فحسب، بل أيضاً لراحة الطاقم، وتفادي إزعاج قد لا يُرى، لكنه يُسمع بوضوح شديد خلف قمرة القيادة.